10/17/2022

الإثبات في القضاء الإداري

 الإثبات في القضاء الإداري

يقوم بناء نظرية الإثبات أمام القضاء الإداري في ضوء اعتبارات وعوامل متعددة، تؤدي إلى صياغة النظرية على وجه يناسب ظروف الدعوى الإدارية، وهذه العوامل المؤثرة في الإثبات اقتضت ظهور نظرية مستقلة للإثبات في القانون الإداري، ولعل أهم هذه العوامل التي تعطي لنظرية الإثبات أمام القضاء الإداري خصوصيتها إنما يتمثل في كون الإدارة طرفاً في الدعوى الإدارية مع تمتعها بامتياز إجرائي مهم يتجسد في أن الإدارة مزودة تلقائياً بأدلة الإثبات الطبيعية، في حين يقف الفرد أمامها أعزلَ ومجرداً من هذه الأدلة المتمثلة في الأوراق الإدارية، وربما لا يدرك شيئاً عنها أو عما سطر فيها من بيانات وما انتهى إليه مصيرها، سواء أكانت في صالحه أم على خلاف ذلك، وكثير من هذه الأوراق لا يتسنى للفرد تحديده أو معرفته، وربما لا تقدمه الإدارة تلقائياً أو تعمل على حجبه عنه، وبذلك يكون الفرد بحكم طبيعة الأمور أعزلَ من أدلة الإثبات التي تؤيد دعواه. وتؤدي هذه الظاهرة في النهاية إلى الإخلال بالتوازن العادل بين الطرفين في الدعوى الإدارية من جهة ما يتحمله كل منهما من أعباء في الإثبات بالنظر إلى وضعه وإمكاناته. ولتحقيق العدالة تظهر الحاجة إلى قيام عناصر فعالة للتخفيف من الأعباء الواقعة على عاتق الطرف الضعيف والعمل على مساندته، أو بنقل هذه الأعباء كلية على عاتق الإدارة بعدّها الطرف القوي في الدعوى الإدارية، أو بمواجهتها ودفعها إلى تقديم ما لديها من عناصر وأدلة قد تكون في مصلحة الطرف الضعيف. ولذلك أعطي القاضي الإداري دوراً كبيراً في قيادة الدعوى الإدارية؛ مما ترتب عليه أن القاضي لا يترك مهمة الإثبات على عاتق الأفراد يقومون بها وحدهم ويقتصر دوره على الحكم لأقواهم حجة، وإنما يقوم هو نفسه بدور كبير في البحث عن الحقيقة. ولذلك يجوز مطالبة الإدارة بأن تقدم ما تحت يدها من أوراق ومستندات تفيد في الفصل في الدعوى الإدارية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق